نسمعها كثيراً وقد لا نصدقها .. أن دولة مثل أمريكا تريد إضعاف العرب والمسلمين.. ثم لا تلبث أن تجد بعض ردود الأفعال تأتيك كاستهجان واستنكار لتلك الفكرة .. تلك الردود نابعة من الإيمان بأن دولة مثل أمريكا “لا تدري عنك” ولا “تفكر بك” وأنك “موسوس” وتظن بأنك مركز العالم ..
ألا بل صدق ذلك يا عزيزي .. فهي تدري عنك وتفكر بك .. ولكن لست أنت وحدك المستهدف.. لكنك الأهم من بين المستهدفين ..
حسناً من أين لي بهذا الحديث لأدعمه ؟ إنه بعد قراءتي لكتاب يسمى  Confessions of an Economic Hit Man اعترافات رجل ضرب اقتصادي.. بالإضافة لمقالات نعوم تشومسكي وبعض الأشخاص الذين يناهضون نظرية المؤامرة العامة ..
حسناً هناك حديث عن مؤامرتين .. الأولى هي مؤامرة عامة وهي محاولة قلب النظام العالمي لنظام يتبع امبراطورية عظمى لها السلطة والقوى العظمي.. والمؤامرة الخاصة وهي ضد المسلمين .. وكلاهما حقيقة .. بيد أن الأخيرة هي جزء من الأولى.
المتآمرون المتحدث عنهم في هذا المقال هم جهات عدة، فعندما أذكر أمريكا فلست أقصد أنها الوحيدة على الساحة، بل هي مثال لوجهة واحدة فقط.
أحداث كثيرة في العالم حدثت ولا زالت تحدث نظن أنها جاءت بمحض مصادفة أو مجرد استغلال لفرص، جعلت القوى متمركزة في دول معينة وتم نزعها من دول أخرى.
حاولت التعرف والقراءة حول الموضوع، مابين نظريات مؤامرة متشددة جداً تجعل كل عمل وكل تصرف هو لغرض مؤامرة.
ونظريات أخرى تتبع بجهل واستغفال كل ما يقال لها من قبل الوسائل والتصريحات الرسمية. فكيف يمكن معرفة الحقيقة؟
سأناقش في هذا العمل   5  محاور أساسية وهي:
1- هل هناك مؤامر فعلاً؟
2- شواهد تلك المؤامرة
3- هل هي خاصة بالمسلمين؟ على من يتم التآمر.
4- لماذا لا نشعر بها إذاً ؟ نحن نرى أن حياتنا ووضعنا المعيشي قد تحسن 
5- الخدعة الإقتصادية – زيادة الدخل القومي-
—–

هل هناك مؤامرة فعلاً؟

التصرفات والأحداث يختلف تفسيرها بناء على اهتماماتك أو زاية نظرتك لها، فالإقتصادي ينظر للأمور من جوانب اقتصادية بحتة، بل وربما يفسر قيام حروب كبيرة لدوافع اقتصادية فقط لا غير. والطبيب النفسي يفسر الامور والأحداث من جوانب نفسية فقط كذلك..
ما أريد قوله، هو أن التحليلات والتفسيرات قد تكون منطقية من وجهات نظر متخصصة لكنها قد لا تكون حقيقية.. والأفضل هو من جمع بين الأقوال وقارن بينهم ليعرف ماهو الأقرب للحقيقة.
قرأت عن هذا الموضوع (المؤامرة) من جوانب عدة.. وبإمكاني القول أنه لا يمكن أبداً إنكار نظرية المؤامرة وجعلها من الوساس والتخريفات، بل هناك من يقوم بمؤامرات ويعمل عليها بذكاء رهيب. وفي نفس الوقت، لا يمكن الجزم بأن أي تصرف هو عبارة عن خطة مؤامرة يتم تنفيذها.  ليس بالضرورة ذلك.
-هل المسلمون متآمر عليهم؟ -
نعم .. وبكل اقتناع أقولها أن هناك مؤامرة تدور حول المسلمين. ومن ينكر أو يستخف بذلك ما هو إلا إنسان يجهل الكثير مما يدور حول -وليس عيباً الجهل في هذا الأمر-
وفي المقابل، فإني أقول أيضاً وبكل اقتناع أن المؤامرة لا تدور حول المسلمين فقط، بل تدور حول أي شعب أو أمة قابلة للنهوض وقد تشكل تهديداً في ميزان القوى، أو تشكل تهديداً للدول القوية.
– هل هناك حكام في هذا العالم؟
نعم، هناك من يتحكم في العالم وأحداثه ويسيرها على أهوائه و مزاجه. نقر بأنهم قد لا ينجحون في كل ما يريدون، لكنهم ينفذون (أو بالأصح) قد نفذوا مؤامرتهم واستفادوا منها ولا يزالون يستفيدون منها.
وفي المقابل، فإني أقول أيضاً أنه لا يوجد قوى واحدة فقط تتحكم في العالم، بل توجد عدة قوى، وتلك القوى قد لا تكون على اتفاق وتوافق فيما بينهم، لكنهم متفقون على إضعاف الكل وإبقاء القوة لهم وحدهم.
—–

شواهد تلك المؤامرة:

لماذا وكيف أصبحت بعض الدول قوية جداً ولا يمكن مقارعتها؟
حسناً، لو سألت ذلك السؤال لأي شخص قد يجيبك لأنهم تفوقوا بالعلم والتنقية والمعرفة وعملوا بجد واجتهاد حتى وصلوا لتلك المكانة..
كلام منطقي، لكنه ينقصه بعض المعلومات الأخرى التي تجعله واقعياً ودقيقاً أكثر.
بالإضافة لما ذكر أعلاه فهناك طريق أخرى جعلت تلك الدول بمكانة حيث لا يمكن مقارعتها ومنها :
1- إضعاف الآخرين وإفقارهم
2- وضعهم في مأزق الديون والاحتياج للدول القوية بحيث أنهم لا تقوم لهم قائمة ويرجعون للدول القوية في كل شيء
العلم والمعرفة يمكن نقلها بسهولة بين الناس، فما يصنع في بلد ما يمكن آن يصنع في بلد آخر حتى وإن أتى بعده بعشرة سنين. لكن يمكن للضعاف اللحاق بمستوى الكبار يوماً ما، أو يكونوا قريبين منهم.. وهذا لا يسر الكبار، فهم لا يريدون مستوى قوة متقارب، بل يريدون التفوق بمراحل كبيرة حتى يمكنهم استعباد، أو استعمار تلك الدول والسيطرة عليها..
من الممكن أن يأتي أحد ويقول ماهي إثباتاتك ومن أين استنتجت ذلك.
حسناً لنقرأ في التاريخ قبل قرنين وأكثر ( هناك العديد من الثوابت والشواهد بدأت قبل 500 عام عندما بدأت موجة الاستعمار والاستعباد)  ولننظر في حال بعض الدول التي تعد الآن فقيرة وتحت أزمة الديون العالمية.
الهند:  قبل قرنين من الزمانكانت من أكبر المراكز التجارية والصناعية في العالم، بل إنها كانت متقدمة على أوروبا في الصحة العامة، وربما الأنظمة التجارية أيضاً (نعوم تشومسكي، الآمال والتوقعات)
هايتي: والتي قد لا تكون قابلة للسكن بعد عدة أجيال من الآن، كانت تعد أغنى مقاطعة في العالم يوماً ما. فقد كانت تمتلك الذهب الأبيض -القطن-   وكانت تنتج حوالي 75% من من إنتاج السكر في العالم
تلك الدول سقطت وتم إضعافها من قبل الاستعمار باستعمال القوة العسكرية.. ولكنه من المعروف أن القوة العسكرية لابد أن يتم دحضها في يوم من الأيام. لكن تأثيرها يبقى على مدى سنين وعقود وقرون أيضاً..
ثم لننظر حال بعض الدول في بداية القرن الماضي وكيف أصبحت الآن .. تم اتباع نفس أسلوب الاستعمار ولكن بطريقة أخرى، وهي: إضعاف تلك الدول وإغراقهم في الديون كي يصبحوا مدينين للدول الكبرى فلا يقارعونهم أبداً.
ربما ما أذكره الآن من دول هو على سبيل المثال لا الحصر.. فدولة مثل اندونيسيا: كانت تملك الخيرات والثروات. كان الحجاج الإندونيسيين يحملون على الأعناق ويطاف بهم في الحج من قبل أهل مكة. كانوا يملكون المال الكثير. ثم أصبحت دولة فقيرة تقتات بالعيش من الدول الأخرى.
ولننظر أيضاً في الإكوادور تلك الدولة التي كانت تملك النفط بشكل يجعلها قوية اقتصادياً. بل وغاباتها التي كانت تدر خيراً كثيراً على أهلها.. كلها اختفت وذهبت إلى خزائن الولايات المتحدة الأمريكية
تلك الدول وقعت في فخ دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية التي مالبثت ترسل بضاعتها وتبيعها على تلك الدول بمبالغ تجعل من المستحيل دفعها فتقعهم في الدين.
تلك الدول لم تكن تعاني من الأنظمة المالية التي تصب في مصلحة الكبار (كالرأسمالية مثلاً) وكانوا يعيشون حياة سالمة ومريحة بدون تلك الأنظمة والقيود الدولية، بل ولم يكونوا يحتاجون لأحد.. لكن الولايات المتحدة تفوقت في البنى التحتية و وسائل التمدن، فمالبثت أن قامت تعرض بضاعتها بإغراء ولكن بمقابل عالي جداً (إما نفط أو قناة نهر -كقناة بنما-) ، ثم تتفق مع مسؤولي تلك الدولة ليتقاسموا الأَكلة، وتبقى الدول واقعة في الديون للأبد. فيسمحون للأمريكان أو أي دولة أوروبية ببناء البنى التحتية من كهرباء وجسور وسكك وطرق و صرف صحي، بمقابل عالي جداً أو فوائد عالية جداً. وذلك كله بشكل خدمة تقدمها أمريكا للدول الأخرى، وهم كاذبون ليستفيدوا منهم لاحقاً إن أرادوا استغلال تلك الديون.
بل وهو مثبت فعلياً أنه في بداية السبعينيات في الإكوادور.. قامت الشركات التجارية الأمريكية (شركات النفط وشركات البناء) بإزالة غابات كثيرة (وهي مصدر سكن ورزق للإكوادوريين) وذلك من أجل بناء معامل تكرير واستخراج للنفس. وأين يذهب المال الذي يباع فيه النفط؟  من كل 100 دولار يكون التالي:
75 دولاراً للشركات الأمريكية والحكومة الأمريكية
25 دولاراً للإكوادوريين – يتقاسم كبارهم المبلغ، ويبقى ما يقارب 3 دولار فقط تذهب للشعب، والذي يحتاج تلك الأموال بشدة
ثم ننتقل لأندونيسيا لنرى أنهم وقعوا في نفس الفخ مع الأمريكان.. وبنفس السيناريو.. لكن لماذا اندونيسا؟
بغض النظر عن الثروات التي كانت تملكها اندونيسيا آنذاك (كانت تملك النفط أيضاً)، لكن في تلك الفترة كانت هناك قوتان تتنافسان على استعمار الدول بالديون، وهما الاشتراكية ممثلة في الإتحاد السوفيتي، والرأسمالية.
فمثل اندونيسيا قامت الولايات المتحدة بعرض خدماتها لغرضين:
1- إيقاعها في الديون
2- كسبها كحليف لهم قبل الإشتراكيين كي لا يسابقوهم عليها.
الحرب بين الاشتراكية والرأسمالية كانت  ولا زالت ضروساً..
إذاً فيمكننا القول أن منهج إضعاف الآخرين لاحتكار القوة والسلطة هو منهج تتبعه الدول الكبرى كي يصفو لها الحال ولا يقارعها أحد.. وهذه أحد شواهد وتطبيقات نظرية المؤامرة
———-

هل هي خاصة بالمسلمين؟ وعلى من يتم التآمر؟

هذا محور مهم، فردة الفعل المتداولة حالياً عندما نسمع شخصاً يقول بأن هناك مؤامرة تدور حولنا;  أنهم لا يهتمون بنا ولسنا أهلاً بأن يتآمروا علينا.
أنا أخالف تلك المقولة لأن هناك مؤامرة تدور حولنا.. لكنها ليست خاصة بنا نحن المسملون. بل هي تدور حول أي أمة أو شعب قابل للنهوض وقد ينافسهم على مراكز القوة.
فيتم التآمر والرغبة في تدمير أي شعب وأي أمة لديها إمكانية وقابلية لمجابهة تلك الدول في المستقبل أو حتى أن تستقل عنها دون أن تتبعها وتصبح لها كلمة مستقلة.. وبالتالي فإن مقياس القوى قد يكون متقارباً. وهذا ما لا يرغبون به، فيتآمرون على تلك الشعوب التي قد تشكل تهديداً عليهم.
وعندما ننظر لوضع المسلمين، فهم أكثر الشعوب قابلية للنهوض والنهضة لما يملكونه من مقومات بإمكانها أن تجعلهم في مصاف الدول المتقدمة وتحصل على مركز قوى بل وأقوى مركز.
لماذا؟ الأسباب كثيرة.. فهناك أساس تقدم وحضارة موجود في منهج المسلمين وظهر في القرون الأولى وحتى القرن العاشر من الهجرة. و بعيداً عن وحدة الدين والأخوة فيه، بإمكاننا تلخيص أهم المقومات لدى المسلمين
1- المنطقة الجغرافية التي تغطيها تلك الدول. فتجعل لها وزناً في كل قارة وكل منطقة. حتى وإن كانت عدة دول. لكن اجتمعت تلك الدول وشكلت تحالفاً، فتحالف تلك الدول يغطي الشرق والغرب. فيصبح لهم وزن وكلمة في كل منطقة.
2- الثروات الطبيعية: كالنفط والغاز مثلاً. والمنتجات الزراعية كالقطن.
3- المعابر المائية: وذلك بسبب التوسع الجغرافي، فإن المعابر المائية كقناة سينا ومضيق باب المندب. فتلك الدول بإمكانها التحكم في تلك المعابر إن أعلنت عداوتها على أمة فلن تسمح لها باستخدام تلك المعابر المائية
4- القدرة العسكرية، ولا أحد يجهل مدى تأثر المسلمين بمبدأ الجهاد، وهم أمة عرف عنها أنها لا تخشى الموت بل تبحث عنه في سبيل الله وضد من عاداها. فلو تم إشعال ذلك التأثير لزادت القدرة العسكرية بمراحل كبيرة شكلت تهديداً قوياً لمحتلي مراكز القوى في العالم.
5- عدم تبعيتهم لأي منهج غير إسلامي: لا يمكن بسهولة جعلهم تبعاً لقوة أخرى في العالم، فهم لديهم إيمانهم ونظامهم الإسلامي الذي لا يرغبون عنه بغيره.
إذا تلك العوامل تجعل من المسلمين خطراً وتهديداً على أقوياء العالم.. فكان لابد من التآمر حولهم ليتم منعهم من تشكيل التهديد.. فمتى أهملت تلك العوامل وتم دحضها وإضعافها وتشتيتتها، أصبح ميزان القوى في أيديهم.
ونعود لنقول أنه ليس تآمراً حول المسلمين فقط. بل على كل من يمكن آن يشكل تهديداً، والمسلمون لديهم مقومات التمكين في الأرض، وذلك يعتبر تهديداً لهم.
وأيضاً الشيوعية والرأسمالية يتقاتلان فيما بينهما ويريدان إنهاء بعضهما.. لأن كلاً منهما يشكل تهديداً للآخر.. بل إن أمريكا كانت تشوه صورة الإشتراكية وتجعلها كخطر وتهديد يهدد العالم.. فما حرب فيتنام إلا بداعي القضاء على التهديد الإشتراكي والشيوعي -كما تفعل الآن بحروبها ضد الإرهاب وهي بحجة القضاء على التهديد العالمي من قبل الإرهابيين- ‍ وما تلك الأسباب إلا ذريعة لتحقيق مرادها .. وهي تقضي على كل من يقف في وجهها..  فمن ذا الذي يقف في وجهها ؟
لقد اغتالت رئيس باناما (عمر توريجوس) عام 1981 عندما رفض التعاون معها لتحقيق مصالحها على أراضيهم.. فتم القضاء عليه في عملية اغتيال.
وأيضاً كما حدث مع رئيس الإكوادور (أقويليرا) في نفس العام 1981..
إذاً فمن يقف في طريق تلك القوى المسيطرة يتم إضعافه.. فإن لم يمكن ذلك، يتم إزالته وإغتياله..
فهناك من يريد أن يبقى هو المسيطر، فيتآمر على الآخرين الذين يعاندونه
——-

لماذا إذاً لا نشعر بها ؟ نحن نرى أن حياتنا ووضعنا المعيشي قد تحسن ؟

نعم  الحياة أصبحت سهلة.. العالم سهل ومفتوح وحر .. العالم الآن مفتوحاً وأصبحت التجارة مفتوحة على بعضها ويمكنك المتاجرة عبر الإنترنت وغيره بكل يسر وسهولة. لا قيود في ذلك ، ومستوى الحياة الآن أصبح أفضل بكثير من سابقه. العصور المظلمة قد ولت، وأصبح الإنسان متساويا مع الإنسان الآخر ويعيش حياته براحة واطمئنان..
الواقع هذا قد يناقض ما يدعيه البعض من أن هناك مؤامرة وأننا في خطر الأقوياء يغلقون الأبواب عليهم والأبواب الخاصة لهم ويمنعون الناس من منافستهم ومشاركتهم. (مثلما كان يحدث في العصور والقرون السابقة)
نعم فقد كان هذا ديدنهم في القرون الماضية، حيث يميزون أنفسهم باختصاصات ومجالات لا يسمحون لأحد آخر بالاقتراب منها، ليزدادوا قوة ويحتاجهم الناس. فيسنون بعض القوانين التي تمنع الشعوب من فعل ما تريد ويخصون بها أنفسهم، كجلب البضائع واستيرادها ، كما كان يفعل النبلاء في انجلترا مع الهند وغيرها.
لكن قد زال كل ذلك الآن أليس كذلك ؟
ليس صحيحاً تماماً، فهناك أمور خص الكبار بها أنفسهم دون غيرهم واقتسموا ثرواتها بينهم.. فهناك مجالات وأنواع تجارة خاصة جداً لا زالت مغلقة أمام الكل ولا يمكن لأحد الدخول إليها بسهولة مالم تكن فرداً قوياً معهم. بل أن من يمارسها من غيرهم قد يعرض للمساءلة القانونية. مثلا تجارة المواد الخام ذات الطلب العالي كالنفط وغيره. (لا يخفى على أحد سيطرة الدول الكبرى على ثروات أفريقيا ونهبها كلها وتركهم دون أن يستفيد الشعب منها)
صحيح أنهم قد فتحوا ما كان مغلقاً سابقاً، لكن ذلك لم يحدث إلا بعد أن وجدوا أموراً أخرى خصوا بها أنفسهم ويستطيعون من خلالها كسب قوة خاصة تقويهم على عامة الشعب.
فنفس السياسية يتم اتباعها (اختصاصهم بأمور لا يمكن للناس الحصول عليها) لكن باختلاف المواد والبضائع.

الخدعة الاقتصادية – زيادة الدخل القومي:

أستطيع القول بأن واحدة من الأدوات التي تعطيهم القوة هو الاقتصاد والإعلام.. فهم يسيرونه كما يشاؤون.. ومتى انفلتت تلك الأدوات من بين أيديهم أصبحوا هم في وضع أضعف.
من أهدافهم هو خداع الناس بأن القيادات العليا -أصحاب القوة- يقودونهم للصلاح والازدهار والتحسين. وذلك لإيهامهم بأن مصلحتهم تهمهم.
إحدى المضللات والتي تعطي إشارة خاطئة للناس والشعوب هي ارتفاع الدخل القومي لدولة ما.. فتجد أن بعض الدول -خصوصاً القوية- تفخر بأنظمتها وسياستها وتقول أن الدخل القومي للدولة قد زاد بسبب تلك السياسات والأنظمة.
ولكن ذلك الرقم قد يكون مضللاً للغاية.. فالدخل القومي يعتبر مرتفعاً إن  كانت تصب في ربح شخص واحد فقط. مثل شخص يكون قد امتلك شركة ، وحتى وإن كان أغلبية الشعب يقع تحت مأزق الديون.
فالغني قد يزداد غناً بشكل رهيب، والفقراء يزدادون فقراً وعدداً… لكن الدخل القومي لا يزال مرتفعاً في تلك الحالة.. لأن زيادة غنى الأغنياء أكثر بكثير من الفقر الذي يزداد. لكن الأموال لا تصل إليهم وهم بحاجة إليها. .. إذاً فذلك المؤشر لا يدل بالضرورة على تحسن اقتصادي قومي. ولكنه يستخدم ويتم تدرسيه للناس بأنه مؤشر مهم، وهو يكون مضللاً في أحيان كثيرة
واقتصادياً، من المعروف أن الإقتصاد يكون أكثر انتعاشاً إن قامت تلك الأموال بالتحرك. لكن الأموال بيد الغني تكون مكنوزة ولا تستخدم.. بينما لو ذهبت للفقير فهو سيستخدمها في شراء احتياجاته الأساسية..
إنني لا أدعوا في مقالي هذا إلى مناهضة ثورة لإيقاف المؤامرة والوقوف ضدها.. بل فقط لأكشف بعض الأفكار والتحليلات التي قمت بها عند قراءتي لبعض المصادر
يكثر الحديث ويطول، ولكن يبدوا أن المقالة طويلة إلى حد ما يبعث على الملل، فنكتفي بهذا القدر .. وإن كان هناك ما نضيفه أو تضيفونه. فالباب مفتوح للكل.
والحمد لله رب العالمين